الثلاثاء، 8 مارس 2016

رحلة حرّة خيبر للرحالة الرواد

رحلة إلى حرة خيبر.كتابة وتأليف الباحث حميد الدوسري 

التأريخ: 4-10/2/2016 م

أهداف الرحلة: متعددة، علمية، واستطلاعية.

المشاركون: عشرة من أعضاء المجموعة، هم: أحمد الثقفي، صالح الغفيلي، صالح الحميدي، فهد الطريري، فهد الجراح، محمد الثقفي، محمد الحميضي، محمد الخيال، يوسف السلوم، وحميد الدوسري كاتب هذا التقرير.

السيارات: أربع.

المسار: من النُخَيل جنوبا حتى جبال الخطام شمالا.

 أجزاء من جبال حرة خيبر 
يظهر جبل الابيض المميز والنادر وسط حرة خيبر 

جلسة الأعضاء وراحة وسط الحرّة


بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..
 ثم اما بعد...

نبأ معكم أيها الأخوة الاكارم برحلتنا المميزة والرائعة والتي تظافرت الجهود من الاعضاء لتكون وجهة علمية استكشافية لهذه البقعة المباركة من أرض الوطن ، وسندخل مباشرة للتحدث حول الرحلة وبشكل اريحي لسرد ماكان وحدث وبسطها لكم كثمرة ونتاج من إنتاجات مجموعة الرحالة الرواد .


الحرّة وعرة جدا ومسالكها صعبة المراس 

لن نتحدث في هذا التقرير عن تلف عجلات سيارتي الأربع، ولا عن رقع ثقوب العجلات الجديدة التي تسرب منها الهواء 8 مرات، ولا عن العصا التي أهداني أبو مروان لأتوكأ عليها بعد سقوطي في الكهف .. ولا عن طَبَخْنا وأَكَلْنا.. ولكني سأكتب عن الحرة لمن لم تتح له الفرصة للدخول إليها ورؤيتها عن كثب؛ فالكثير يسمعون عن الحرة أنها أرض تغطيها الصخور وأنها وعرة المسالك، ولا تتوفر بها طرق ولا أي نوع من الخدمات الضرورية، وهذا صحيح، فلدينا في المملكة عدد من الحرات المتنوعة كل منها تتميز بتكوين جيولوجي ومورفولوجي مختلف عن غيره، ولذا فوصف أحد الحرات لا ينطبق على غيرها، وسيكون الحديث عاما خاليا من المصطلحات الجيولوجية والجغرافية.  


جزء من طبيعة ارض الحرّة الشديدة الوعورة ذات الصخور النارية البركانية

وفي البداية نقول: إن الحرة أرض تغطيها الصخور النارية المتناثرة بأحجام صغار مثل بيض الطيور إلى صخور كبار بأحجام الإبل أو أكبر منها، وتتوزع تلك الصخور بشكل غير متناسق أو منظم، فتجدها كثيفة متراكبة عند خطوط التماس لدوائر النشاط البركاني المتداخلة، وحول الفوهات البركانية، بينما تخف إلى مجرد صخور مبعثرة في مناطق أخرى، وهكذا هو معظم مناطق الحرة، وفي الواقع فالحرة التي نتحدث عنها تتكون من عدد من الحرات المتجاورة والمتداخلة لكل منها ما يميزها من ألوان الصخور واللابات والمخاريط البركانية وغيرها.
 بعض الجبال الرسوبية التي هي الأصل في تكوين الأرض 
اللابة السوداء وهي المكون الأخير لأرض الحرّة 

تناثر الصخور:
تناثرت تلك الصخور أثناء ثوران البراكين أول مرة أو في مرات لاحقة، فتنطلق في الهواء كالنوافير في اتجاهات متعددة وتتساقط على الأرض بأحجام مختلفة ثم تتكسر فيما بعد نتيجة التجوية، ولا تسيل تلك الصخور على شكل حمم نتيجة قلة لزوجتها وخصائص حبيباتها والمعادن التي تحتوي عليها، ويغلب عليها الصخور البازلتية قليلة النعومة، وألوانها ما بين البني الداكن والبني الفاتح، ونتيجة لقلة اللزوجة لا تتكون مخاريط ولا لابات عند فوهات تلك البراكين التي تتصف بالسعة وعدم الانتظام في الشكل، واغلبها لم يعاود نشاطه بعد الثورة الأولى.
يتخلل تلك الصخور مجار للسيول تنقل المياه إلى الأودية المنحدرة من الحرة، وأماكن صغيرة لتجمع المياه على هيئة روضات وقيعان كانت فوهات براكين ملئت بالرواسب الطينية، وينبت فيها العشب وقت المطر.
 تنوع فريد وتشكيلات من القمم المخروطية والمنبسطة والفوهات في الحرّة

انهار اللابة السوداء إن صح التعبير في الحرة
اللابات:
ولعل ما يلفت النظر في الحرة هو اللابات المتعددة، وهي عبارة عن حمم مصهورة تتدفق من بعض البراكين وتسيل كالماء في اتجاه الأماكن المنخفضة، وتتكون على هيئة تلال وجبال صغار ومسطحات شبيهة بالبحيرات، وخلجان، وغير ذلك من التشكيلات نتيجة تجمد الحمم في بعض النقاط ثم وصول حمم أخرى تبحث عن مجار جديدة، ويقول علماء البراكين إن قوة تدفق الحمم من البركان الواحد غير منتظم، وعدد مرات الثوران متعددة .. وتختلف اللابات في ألوانها فهي غالبا سود خالصة السواد، ملساء ناعمة مصمتة ثقيلة الوزن، وربما تكون محمرَّة أو داكنة مخلخلة على هيئة رغوة كثيرة الفجوات ولكنها صلبة متماسكة، وأغلب اللابات لها أسماء معروفة بها. 


 وهنا تظهر مسارات اللابّة البركانية التي توقفت منذ الاف السنين هنا

وأجزاء من الصهارة البركانية المتدفقة قديما 

وربما تسمى الحرة باسم أشهر لاباتها، فالبراكين التي تسيل منها الحمم هي أكثر البراكين لزوجة ولذا فهي قادرة على الجريان، ولا تتكون لها مخاريط هرمية ولكنها قد تكون جبالا أو هضابا كبارا مرتفعة. 

جبال الحرة: 
في وسط الحرة يقع أعلى جبالها الذي يسمى الأبيض، وقريب منه قبل القدر المتميز بسواده وشكله المخروطي وبينهما وحولهما تقع المخاريط البركانية ذات الفوهات المسدودة أو العميقة، وحمم تلك البراكين متوسطة اللزوجة فتسيل قريبا من الفوهة وتتجمد حولها، وإذا عاود البركان نشاطه وسكونه بشكل متدرج من القوة للضعف تكون ما يعرف بالعنق أو القصبة وحولها الجبل أو المخروط، ولعل أجمل مناطق الحرة هي تلك التي تقع حول الأبيض، والقدر، والصهاليج، والعاقر، والمنسف، وروضة البدون، والهيرة، ووادي الهيرة، وألسنة من لابة حمرون.
  تكوينات جبال الحرّة


جبال بيض وحمر:
يتميز وسط الحرة بما يسميه الناس الحَلاة أو الحُلَّية بلفظ التصغير، وهي جبال مرتفعة على هيئة كثبان رملية ضخمة أو تلال بدون صخور ضخمة، والحلا باللهجة الدراجة هو صدأ الحديد ولونه بني محمر، وبسبب لون تلك التكوينات المشابه للون (الحلا) سموها حلاة أو حليّة، وتنسب كل حلاة إلى المكان التي هي فيه أو إلى أقرب معلم معروف لها، وتلك التكوينات كثيرة جدا، أما التكوينات البيض أو التي يغلب عليها البياض فينحصر وجودها في الوسط، وعددها محدود وهي تكوينات تخلو من الصخور الكبيرة، وفي الواقع فمكوناتها معروفة باسم البوزلان، pozzolan  وهو عبارة عن صخور صغار مختلفة الأحجام، خفيفة صلبة كثيرة المسامات، ويطلق عليها خبث البراكين أو رغوة البراكين، وتحتوي على نسب عالية من السليكا والألمنيوم،(اللون الأبيض) أو معادن أخرى، (اللون الأحمر والبني) وهي من الخامات الصناعية المهمة في صناعة العوازل وغيرها، ومدرجة ضمن الخامات الصناعية في المملكة، وبسبب تكون تلك الكريات الصخرية على سطوح مائلة، تسبب الانزلاق للسيارات، لمن يحاول تسلق تلك التكوينات.


وهنا تشكيلات متنوعة ومتلونة لجبال الحرّة الغريبة 

الجبال الرسوبية:
ومن العجيب وجود جبال رسوبية في وسط الحرة، ورغم محدوديتها إلا أن قيمتها العلمية كبيرة جدا للباحثين.
نموذج للجبال الرسوبية 

الحياة في الحرة:
لم نصادف سوى بعض الإبل من الحيوانات الثديية، وقد شاهدت نوعا من الزواحف (وحر) وحاولت تصويره، ولم تكن الصور واضحة بسبب وجوده في لابة سوداء وشدة تموهه بلون اللابة.


بعض القيعان التي احتوت طينا واضحت روضة للنباتات

 أما الحشرات فقد وجدنا بعض أساريع الفراش، وانواعا قليلة من الخنافس، وربما كانت برودة الجو هي السبب، أما الطيور،فقد وجدنا أسرابا من السنونو، نوع من (الخطاطيف) في بعض الكهوف وآثار فضلاتها تدل على أنها تقضي فترة الشتاء هنا، وأنها غير مهاجرة وسوف نفرد لها تقريرا مستقلا، نستجلي فيه بعض النقاط في حياتها الغامضة.

 استراحة الفريق واعداد الطعام 

جزء من آثار وعورة الطريق والتي لاتنبيء بسلاسة المسلك في الحرّة 

 اثار الربيع ظاهرة في مناطق متنوعة بالحرّة


كما سنفرد تقريرا مفصلا عن النباتات في الحرة في وقت لاحق إذا سمحت الظروف بذلك.





غيول الماء من أثر الامطار وطبيعة الأرض بالحرة القاسية 

 بقي الكهوف وهي من معالم الحرة الشهيرة، وقد تحث عنها الزملاء قبلي في تقارير سابقة، والكهوف التي زرتها تكهفات تحت سطحية أفقية تقريبا، تكونت على ما يبدو بفعل تسرب المياه السطحية ثم حدث فيها انهيارات وانكسارات في القشرة العلوية أمكن للقدماء الاستفادة منها وللحيوانات اللجوء إليها.
وهنا صور لجزء من تلك الكهوف .
 بعض انواع الكهوف التجويفية من أثر مسار اللابة تحت الأرض

آثار العظام من المفترسات بالمنطقة وجدت داخل الكهوف

 كهف جرسان الاكبر بالحرّة

 فوهات ومداخل كهف جرسان 

 وجزء آخر من كهف جرسان


 وهنا ايضا كهف جرسان 

بعض النقوش العديدة في الحرة

وهكذا انتهينا من كتابة تقريرنا المميز بالمشاهدات الغريبة والتكوينات الرائعة للحرّة والتي لاشك أنها ستكون شيئا ضمن رحلات عديدة قام بها غيري وإضافة لهذا الجزء المبارك من وطننا الغالي بما يحوي من تكوينات فريدة متنوعة.

وهكذا أنتهت رحلتنا والعودة من حيث أنتهينا

وتقبلوا تحيات أخوكم حميد الدوسري 




هناك تعليق واحد:

  1. الله يعطيك العافيه وا قدر تعبكم ومدونه جميله وراىعه جدا

    ردحذف