السبت، 17 ديسمبر 2016

قرية الفاو...الجانب المجهول من الباحث حميد الدوسري مجموعة الرحال الرواد 1438هـ

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ثم اما بعد..
اتقدم لكم اليوم أنا اخوكم الرحال وائل الدغفق بنقل مادة مميزة من باحث مميز وهو الاخ ابو عون حميد الدوسري وهو ينقل لنا مما رأى ونظر بحثا قيما عن الفاو الجانب المجهول ومعد التقرير الأخ ابواحمد الشهري العضو المميز في مجموعة الرحالة الرواد والذي تخصص بإدارة اللقاءات الناجحة في ثلوثية المجموعة ومنها الى المدونة لتبقى علما يستقى .

يبدأ معدنا الاخ ابو احمد الشهري قوله ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبا بكم جميعا في هذه الأمسية البدرية الرائدة والمتجددة بين كوكبة الرواد
              
وأخص بالترحيب ضيفنا العزيز وأستاذنا القدير: أبا عون وأشكر له تلطفه وقبوله لهذه الدعوة في أن يكون ضيف هذا اللقاء وفارس ميدانه                        
 وكما تعلمون فإن موضوع أطروحة الليلة هو [قرية الفاو...الجانب المجهول]                        
: وقبل أن يبدأ أبو عون في طرح ما في جعبته فيسعدني أن أقدم لكم نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية للضيف                   

نبذة مختصرة:

* الاسم: حميد بن مبارك الدوسري
* المولد والنشأة: وادي الدواسر 1370 هـ
* المرحلة الابتدائية: وادي الدواسر.
* ما بعد الابتدائية: الرياض، معهد إمام الدعوة العلمي، ثم كلية اللغة العربية 1393 هـ      قبل نشأة جامعة الإمام.
* العمل: مدرس في المعهد العلمي بالدمام.
* العمل في وزارة الإعلام - تلفزيون الدمام معد برامج ومحرر أخبار وأعمال إدارية         أخرى.
* الحصول على بعثة دراسية (ماجستير) في الولايات المتحدة الأمريكية 1399-1403هـ.
* بعد العودة: العمل في إدارة المطبوعات في وزارة الإعلام حتى التقاعد 1430 هـ .
* متزوج ولي أبناء وبنات وأحفاد.
* مكان الإقامة: الدمام .

 الهواية والنشاط: 

- الهوايات متعددة، وهي كل ما يتعلق بالبيئة والحياة الفطرية؛ النباتية والحيوانية. 
- بحمد الله أنجزتُ-بعد التقاعد- إكمال مسح المنطقة الشرقية نباتيا، ووثقتُ جميع نباتاتها كاملة، وسوف تظهر بعون الله في الطبعة الثالثة من كتاب النبات البري في المنطقة الشرقية.
- شاركتُ بمقالات علمية مصورة كثيرة في مجلة الوضيحي التي تصدرها الحياة الفطرية، وفي غيرها، وكانت المقالات عن الحشرات، والزواحف، والنباتات والمراعي وغيرها في المملكة.
- حاليا مهتم بتوثيق النباتات البرية في بقية مناطق المملكة، وأقوم بجولات مستمرة في مختلف المناطق، لهذا الغرض، ولا استغني عن مساعدتكم ودعمكم ودعائكم.                        
                 
 والآن فليتفضل ضيفنا الأستاذ حميد الدوسري في بدء أطروحته، سائلين الله له التوفيق والسداد.

ويبدأ الباحث ابو عون حميد الدوسري قوله:

 بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لكم حسن المتابعة، والمشاركة الإيجابية، وأشكر كل من نظم هذا اللقاء ومن يتابعونه.
موضوع اللقاء هو بعنوان " قرية الفاو: الجانب المجهول " وأقول في البداية إنني لست من المهتمين كثيرا بالتأريخ والآثار، ولكن بحثي عن النبات في منطقة قرية الفاو قادني إلى بعض الملاحظات التي ربما تكون مفيدة لمن يدرسون آثار ذلك الموقع.
واسمحوا لي قبل الدخول في الموضوع أن أبين لكم بعض الملحوظات العامة عن قرية الفاو، وهي موجهة أساسا للمسئولين عن الآثار والسياحة:
الأولى: أن الموقع المحدد بعلامات كموقع آثار صغير جدا وغير شامل، والآثار في الواقع تمتد على مسافة نحو 40 كيلا، من شمال الموقع حتى جنوب مركز الزُّهُر (الصورتان 1 و 2 ) تبين موقع الآثار التي تم تحديده فقط من الموقع العام. 
الثانية: هناك تعديات واضحة على الآثار، ومشاريع زراعية مرخصة على الآثار نفسها، (الصورتان 3 و 4).
الثالثة: الطريق المسفلت أقيم فوق الآثار لمسافات طويلة جدا، (الصورة 5).
الرابعة: هناك جزء من الآثار غرب الطريق المسفلت مدفونة تحت الرمال ولم تدخل ضمن حيز الآثار.







قرية الفاو الأثرية الجانب المجهول

تمهيد:
قرية الفاو من أشهر المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، زارها الكثيرون وعرفها الناس عبر وسائل الإعلام وما تم الكشف عنه من آثار ذلك الموقع، ولعل من أهم ما نشر عنها كتاب "قرية الفاو- صورة للحضارة العربية قبل الإسلام" الذي صدر سنة 1402 هـ للدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري، الذي تولى عملية التنقيب فيها، ووعد في مقدمة الكتاب أن هناك عشرة مجلدات عن آثار قرية سوف يتم نشرها قريبا، ولكنها لم تنشر حتى الآن، ومن الكتب أيضا كتاب "آثار منطقة الرياض" الذي صدر سنة 1423 هـ، ضمن سلسلة آثار المملكة، لعدد من الباحثين منهم الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، وقد تضمن بعض المعلومات عن قرية الفاو، وكتاب "مملكة كندة" الذي صدر عن دارة الملك عبد العزيز سنة 1427 هـ، للدكتور عبد العزيز الغُزِّي، وهو لا يتكلم عن قرية الفاو مباشرة ولكن عن قبيلة كندة التي يقال: إن قرية كانت من مساكنهم، إضافة إلى ما صدر في (حولية الآثار) أطلال التي كانت تصدرها وكالة الآثار والمتاحف بوزارة المعارف. 

وقد قرأت أهم ما كتب عنها حتى الآن - وهو قليل -، وعن قبيلة كندة التي يقال: إنها سكنتها، وعن النقوش الحجرية في جنوب الجزيرة العربية، ولم أجد جوابا مقنعا لعدد من الأسئلة أهمها: 

-  ما سر وجود قرية في هذا المكان غير الملائم للسكن؟ 
- وما سر تلك الحفر الكثيرة، وغيرها مما يزخر به الموقع؟

لم تكن تفسيرات الباحثين مقنعة عن سبب وجود قرية في هذا المكان بالذات دون سواه، كما أن ما نشر عن التنقيب لم يشمل جميع الآثار الموجودة بالموقع كما يبدو، إضافة إلى أن تفسير الغرض من وجود بعض المرافق التي كُشف عنها لم يكن منطقيا من وجهة نظري، لذا، سوف أحاول توضيح بعض النقاط حول الحفر الصغار التي يزخر بها المكان خارج حدود منطقة الآثار ممتدة على مسافات بعيدة جدا تبلغ نحو 40 كيلا، وعلاقتها بالغطاء النباتي في الموقع، وهو أهم النقاط التي تلفت الانتباه وتستدعي التفكر والتفسير، وأنا على ثقة تامة أن الإجابة عليها سوف تزيل بعض الغموض الذي يحيط بهذا المكان أو على الأقل توجه أنظار الباحثين إلى جوانب بحثية أخرى، وسوف تخلق إجابات تلك الأسئلة أسئلة جديدة وتفتح أبوابا من البحث لم يتم التطرق لها من قبل.                  
قرية عبر العصور:
تنسب قرية في الوقت الحالي إلى الفاو لوقوعها فيه، والفاو وادي واسع يخترق جبال طويق من الغرب للشرق، وتقع قرية في زاوية مدخله الجنوبي، أما اسمها القديم الذي يعرفها به أهل المنطقة فهو "قرية" بدون تعريف أو "قرية الجاهلية" علم على هذا المكان، والجاهلية هنا نسبة للمجهول ضد المعلوم، لأنهم لا يعلمون شيئا عن سكانها الذين عاشوا فيها، ولا في أي عصر عاشوا، ولكنهم يعلمون بوجودها، وقد جلبوا بعضا من رُحِي طحن الحبوب منها، وقد ورد هذا الاسم في كتاب "صفة جزيرة العرب" للهمداني المتوفى سنة 345 هـ باسم "قرية" بصيغة النكرة. (الصورة 6).

التنقيب:
بدأ التنقيب الفعلي سنة 1392 هـ من قبل فريق متخصص من جمعية التأريخ والآثار بجامعة الرياض (آنذاك) برئاسة الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، واستمر التنقيب في مواسم سنوية متوافقة مع الفصول الدراسية لطلاب الجامعة الذين يشاركون في التنقيب، ثم توقف التنقيب سنة 1415 هـ، دون إكمال المهمة، أو نشر نتائج التنقيب، وترك الموقع دون حراسة فعلية أو صيانة لما تم الكشف عنه، مما عرضه للعبث والأمطار ودفن الرمال من جديد.

وكان ضمن المكتشفات أدوات ومرافق غير معروفة الاستخدام، وغير متوافقة مع مهنة التبادل التجاري التي يقال إن السكان كانوا يشتغلون بها.

بعد هذا كله، سوف أشرح بإيجاز وجهة نظري كباحث في النبات وليس كباحث في الآثار أو التأريخ، وأفسر بعض أهم الظواهر في الموقع من وجهة نظر نباتية ..  ولأن الموضوع طويل جدا فسأكتفي بعرض موجز فقط لأهم النقاط.


إستراتيجية الموقع:
إذا نظرنا للموقع من الناحية الإستراتيجية في الزمن القديم نجد أنها مخالفة لجميع المقاييس التي كان يتبعها من يقومون بتأسيس المدن؛ فهي ليست في موقع حصين يسهل الدفاع عنه، وليست على مصدر دائم من مصادر المياه كضفاف الأودية أو المياه السطحية القريبة، أو في أرض زراعية خصيبة، بل عكس ما ذكرنا هو الصحيح، والبلدة ليس لها أسوار دفاعية، وهذا من أهم أسرار هذا الموقع وإصرار أهله على البقاء فيه.

وزيادة على ذلك تبدو البلدة كجزيرة في بحر من الجبس يحيط بها من كل الجهات، وهي في أغزر المواقع منه، (الصورة 7) وهو موقع غير مريح في السكن ولا في البناء ولا في غيرهما من الأمور، ولابد أن هناك شيء مهم جدا أجبر سكانها على النزول في هذا المكان، والتعايش معه مع وجود البدائل قريبة منهم، والتبريرات التي تقول: إن هذا الموقع إستراتيجي، وهو ملتقى طرق تجارية هامة وغير ذلك – إذا أخذناه بالقبول – لا يستلزم وجودها فوق هذا الركام من الجبس، وفي مواجهة الرياح وزحف الرمال، البدائل موجودة في نفس المنطقة لاختيار مكان أفضل مع الاحتفاظ بالميزة الإستراتيجية التي تحدثوا عنها، هناك مثلا الموقع المقابل من مدخل الفاو في الجهة الشمالية الذي لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن هذا الموقع وأرضه صالحة للسكن والزراعة، ويحميها الجبل من زحف الرمال، ويساعد في الدفاع عنها، وهنالك المواقع الأخرى في العضرسية التي تقع إلى الشمال الشرقي من هذا المكان، وغير ذلك. 

إذا فاختيار هذا الموقع له أسباب إستراتيجية أخرى مغايرة تماما لما ذكره الباحثون، وسوف تتضح لنا خلال هذه النقاط الموجزة.


إعادة النظر في الموقع:
لقد بنى الدكتور الأنصاري استنتاجاته على دراسة جزء من الآثار التي تم الكشف عنها، وربما تكون النتائج غير ما ذكره من أن قرية اكتسبت مكانتها كمحطة تجارية على طريق القوافل التجارية التي تربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها وشرقها، وأن وقوعها في مدخل الفاو جعل هذا الموقع فريدا من نوعه لأنه بمثابة نقطة تحكم في الطرق الرئيسة، وأن التحضر والثراء الذي حققته هو من العائد التجاري نتيجة مرور القوافل عليها، ونحن لا نعترض على ممارسة التجارة ولا على مرور القوافل ولكن نتحفظ على تبرير اتخاذ هذا الموقع وأنه هو الأمثل لهذه المدينة التي تؤدي دورا تجاريا كمحطة للقوافل، فمن وجهة نظري أن هذه الميزة يمكن أن توجد في أماكن أخرى قريبة من هذا المكان وليست محصورة فيه، كما برر عدم بناء أسوار دفاعية حولها لوقوعها في موقع حصين تحت جبال طويق، وهو تبرير غير منطقي لأن المدن والقرى الواقعة في أكثر الأماكن تحصينا من الناحية الطبيعية يوجد حولها أسوار أو حول الأجزاء الأضعف تحصينا فيها.

تفسير الموجودات: 
وقد فسر وجود الآبار الكثيرة التي يزيد عددها عن 120 بئرا في مساحة ضيقة بأنها للزراعة مع أن اتساع بعضها وضيق البعض الآخر وتوزيعها وقرب بعضها من بعض لا يؤيد استخدامها في الزراعة، إضافة إلى أن الأرض غير صالحة للزراعة أصلا، كما فسر الحفر الأرضية بأنها أماكن لغرس الأشجار، إذا فسكان قرية يحتاجون للماء بكثرة لغير الزراعة، الآبار التي عرفناها قبل التنقيب كانت غزيرة الماء حينما ركبت عليها مضخات حديثة.

البئر الموجودة في (السوق) واسعة جدا على غير المعتاد في مكان ضيق وعمقها 5 أمتار فقط والماء أعمق من ذلك بكثير، بدليل أن المقابر أعمق منها، وفي أسفلها أحواض صخرية وألواح من الحجارة، ومساحة (السوق) من الخارج  30x25 م، فهل هي سوق حقا؟وهل تلك الحفرة بئر ماء؟ أم أن لها غرض آخر؟، إذا علمنا أنه يقابلها من الشرق من خارج سور (السوق) برج مرتفع على قواعد ضخمة مقسمة من الداخل إلى أنصاف دوائر مغطاة ومملوءة بالرمل الناعم النظيف، والبرج كله في حوض كبير أو بركة متصلة بقناة قادمة من نحو الجبل، وقال عنه د. عبد الرحمن: إنه ربما يكون لتصفية الماء وتحويله إلى البئر عبر قناة مخفية، كما فسر وجود الحفر الدائرية في المنطقة الجبسية حول المساكن بأنها أحواض لزراعة الأشجار! وهي أحواض منتشرة في المنطقة كلها على مسافة تبلغ 30 كيلومترا جنوب البلدة.

الغطاء النباتي:
وبدراسة الغطاء النباتي والنباتات السائدة في المنطقة تبين أن الكثير منها ينتمي إلى الفصيلة السرمقية ((Chenopodiaceae وهي الفصيلة التي تنتمي النباتات الملحية halophyte إليها، ومعروف أن النباتات الملحية قادرة على امتصاص المواد القلوية من التربة بكميات كبيرة وتبقى تلك المواد في رماد تلك النباتات بعد إحراقها بتركيزات عالية على هيئة كربونات البوتاسيوم أو كربونات الصوديوم أو خليط منهما، وكان القدماء يستخرجون من رمادها القِلِي المستعمل في التنظيف، والصودا المستخدمة في صناعة الزجاج وغيرها، وذلك باستخدام ماء الجير وبعض مشتقات الجبس، والنباتات الملحية مصدر متجدد للرماد لكثرة أنواعها وسرعة نموها، وبعضها حولي ينبت كل عام والبعض الآخر شجيرات معمرة لكنها سريعة النمو.
والكثير منكم قد سمع عن الأشنان (الشنان) الذي كانت أمهاتنا يستعملنه في الغسيل إلى وقت قريب، وهو مادة طبيعية أولية غير مصنعة تؤخذ من نباتات الحمض (الصورتان 8 و 9). 
ومعروف أن الجبس والجير يوجد في أماكن كثيرة، والنباتات الملحية تنمو في أماكن كثيرة أيضا، ولكن وجود الجير والنباتات الملحية معا بالإضافة إلى أمور أخرى جعلت هذا الموقع مميزا، وهي النقطة التي ربما تفسر لنا الكثير من خفايا هذا الموضع.

أكبر المدن الصناعية:
بعد كل ما سبق توضيحه بإيجاز شديد يمكن لي أن أقول: إن قرية الفاو عبارة عن مدينة صناعية كبيرة قامت على تعدين وتصنيع وتصدير المواد المنتجة من الرواسب الجيرية التي تحتويها المنطقة، ومن رماد النباتات الملحية التي تنمو بكثرة في المكان، ومن تلك المواد على سبيل المثال: البورق، والصودا، والقلي، وغيرها من المواد التي يمكن تعدينها بطرق بعضها بدائي بسيط، وبعضها بطرق متقدمة في مقاييس العلم في ذلك الزمان، وتلك المواد تستعمل في إنتاج الزجاج، وصناعة المنظفات التي تطورت فيما بعد إلى الصابون، وصناعة النسيج، والأدوية، وفي تحنيط الموتى، وغير ذلك من الاستعمال الذي لا يمكن حصره، ولا تتوفر المواد الأولية لإنتاج تلك المواد في مناطق استهلاكها، وتصدر كمواد أولية.

وربما تكشف التنقيبات في المناطق المتبقية التي لم تتم فيها حفريات حتى الآن عن وجود أماكن لتصنيع بعض تلك المواد في شكلها النهائي للاستهلاك المحلي أو للتصدير.




الحفر الدائرية:
يوجد في المنطقة العديد من الحفر المدفونة ذات الأشكال المتعددة منها مستطيلات 4×6 أمتار أو أكبر ومربعات، ومستطيلات كبار 30×40 مترا محاطة بخنادق عرضها حوالي متر واحد، (الصورة 10) ودوائر كبار أقطارها حوالي 100 متر يحيط بها خنادق بعرض المتر تقريبا، وأشكال هندسية أخرى، ولكن الأكثر هو ذلك العدد الهائل من الحفر الدائرية في المنطقة الجبسية على امتداد حوالي 40 كم من الشمال إلى الجنوب، وربما يتعدى عددها 500 حفرة دائرية تتراوح أقطارها بين  60 إلى300  سم، وأعماقها من 100 إلى 250 سم تقريبا، (الصور من 11 إلى15 ) نماذج من تلك الحفر، وهي في هذا الوقت مملوءة بالتراب وفي أسفلها بعض الرماد وأحيانا العظام، والحواف الخارجية لبعضها مبنية بالطوب المصنوع من الجير، وتخترق الحفر طبقة الجبس لتصل إلى طبقة طينية رسوبية، ويوجد عند بعضها كسر من الفخار وبعض الحجارة التي عليها أثر الاحتراق، ويوجد بعض الحفر التي نعتقد أنها بقيت على حالها منذ ذلك العهد وهي مستوية بسطح الأرض ومملوءة بالرماد من أعلاها إلى أسفلها، (انظر الصور 16 إلى 20 ) وفي بعض المواقع التي تم نقل الردم منها لإنشاء الطريق توجد بقايا تلك الحفر على عمق يزيد عن المترين، وبعد تحليل عينة من ذلك الرماد (الصور 21 و 22) تبين أنه يحتوي على نسب عالية التركيز من الكربونات تماثل النسب التي يحتويها رماد الغضى والرمث والقضقاض والعراد والسُّوّاد، (الصورتان 23 و 24) وهي من النباتات التي تنمو بكثرة في تلك المنطقة، ومن المعتقد أن الرماد منها أو من ما يماثلها من النباتات الملحية وليس من نباتات أخرى، ونحن نعرف أن رماد تلك النباتات يستعمل إلى وقت قريب في إنتاج القلي المستعمل في صناعة الصابون وهو المعروف بالأشنان، وفروعها الجافة المطحونة تسمى الحُرُض وتستعمل في غسيل الملابس، وقد أعطانا هذا الرماد فكرة عن الغرض من تلك الحفر وهو كما يبدو تجميع الرماد بحفر الحفر قرب مواقع نمو النبات ثم إحراق النبات فيها وتجميع الرماد في الحفر حتى تمتلئ ثم تفريغها بنقل الرماد إلى مرحلة أخرى من مراحل التصنيع، ونقل الرماد أسهل بكثير من نقل النباتات إلى مجمعات التصنيع وإحراقها هناك، وزيادة على ذلك يوجد بعض الرماد أو آثاره على بعد حوالي 5 كيلومترات جنوب قرية في منطقة أنشئ عليها الطريق المزفت، ويوجد الرماد بالجهة الغربية منه ويمتد لمسافة تزيد عن كيلومتر واحد وعرضها غير واضح بسبب دفن الرمال له، وقد تبين ذلك الرماد أثناء الحفر لتمديد بعض الأسلاك الأرضية المتجهة إلى نجران، (الصورة 5) وبدون شك فالرماد أحد ركائر الحياة في قرية، إحراق الجير وتحويله إلى جبس لأغراض البناء لا يستلزم وجود تلك الحفر لصغر أحجامها وبعدها عن موقع الاستهلاك، وقد حدثني بعض أصحاب المزارع والرعاة في المنطقة أنهم حفروا عددا من تلك الحفر الكبار يعتقدون أنها آبار للماء وقد وجدوها مليئة بالتراب والرماد وبعض العظام، وأعماقها في حدود ثلاثة أمتار أو أقل.














طريقة عمل القِلِي:
ذكرت لنا كتب التراث طريقة استخراج القلي من رماد الحمض وأشجار الحمض كما قلنا متعددة وتشتعل وهي طرية، ويتم إحراقها في حفر ورش الماء على رمادها وهو ساخن فيتلبد كتلا صلبة، وهي المادة الأولية للصابون. 
أهمية القلي: 
وقد ظلت النباتات الملحية المصدر الوحيد للقلي والصودا عبر العصور، وازداد الطلب العالمي عليها مما حدا بالأسبان والبرتغاليين إلى زراعة بعض الأنواع منها في مستعمراتهم ثم نقلها بالسفن أو نقل رمادها إلى أوربا أيام النهضة الصناعية الأوربية، واستمر الحال على ذلك إلى القرن التاسع عشر حيث تم تصنيع الصودا كيماويا.
الخلاصة:   
بعد هذا الاستنتاج يمكن إعادة النظر في تفسير بعض المرافق في البلدة وما تم العثور عليه من المعابد والتماثيل المشابهة لما هو موجود في بلاد أخرى تؤكد وجود جالية كبيرة مستقرة من أمم أخرى غير عرب جاءت للعمل في التعدين، يرجح أنها من بلاد الشام ومصر، كما يفسر لنا وجود الرموز والأشكال الحجرية ذات المضامين الدينية التي نقلها الوافدون معهم من الحضارات الأخرى، ووجود هذه الجاليات غير العربية قد ذكرته المصادر الأخرى التي فسرت قدومهم بأنه حملات غزو أو لحماية مصالح مهددة أو (استعمار) أو غير ذلك.
كما يمكن للمؤرخين ربط ازدهار الحياة في قرية وتعرضها للدمار بقيام الحضارات في المناطق الأخرى التي كانت تستورد تلك المواد من قرية، فازدهار الحياة في البلد المستهلك، يقابله ازدهار للحياة في البلد المصدر (المنتج)، وعدم الاستقرار الأمني في أحدهما يؤثر سلبا على الآخر، كما أن اكتشاف طرق تصنيع جديدة (تطوير) للإنتاج أو مصادر بديلة للمواد الخام في مكان آخر، أو نفاد المخزون في البلد المصدر يؤدي إلى نفس النتيجة المذكورة سابقا.

إذا كانت المدينة "قرية" تمارس أنواعا أخرى من التجارة غير تصدير منتجاتها واستيراد حاجاتها الأساس أو محطة للقوافل التجارية فذلك لا يتعارض مع وضعها كمنطقة إنتاج صناعي لمواد خفيفة النقل عالية الثمن عالمية الاستهلاك. 
وفي الختام، فالموضوع يحتاج إلى دراسة تفصيلية تبين الطرق القديمة التي كانت تستخدم في إنتاج البورق المعروف الآن  boric acid   والقِلِي potassium carbonate  والصودا    soda ashأو sodium carbonate  وسوف يتضح لنا ذلك الجانب المجهول من تاريخ ذلك الموقع المحاط بالغموض. 

وختاماً
أشكركم على المتابعة، وأرجو أن يكون فيها ما يفيدكم، وأقول إنه قد تم تقديم نسخة مكتوبة من هذا الموضوع إلى أستاذنا عبد الله الشايع -شفاه الله ومد في عمره- قبل أكثر من 5 سنوات، وكانت النسخة أكثر تفصيلا مما تم التطرق إليه في هذا اللقاء، ولم يبد شيخنا حماسا للموضوع، ولا اعتراضا عليه، واكتفى بتوجيهي بتخفيف لهجة الانتقاد للدكتور الأنصاري الذي أكن له أنا خالص الود والاحترام.


يتقدم المعد الاخ ابواحمد الشهري بقوله : شكر الله لك شيخنا هذه المحاضرة القيمة الرائعة، والتي سلطت الضوء فيها على زاوية مهمة وخافية

ويضيف الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: ارجو ان لا اكون اثقلت او اطلت عليكم 
ويسعدني تلقي الاسئلة  عن الجانب النباتي في الموضوع وليس عن الآثار.

ابواحمد الشهري : والآن.....أتى دور المداخلات والاستفسارات لمن رغب في طرحها.


ويسأل الأخ بسام البسام ابوعبدالعزيز بقوله: شكر الله لك شيخنا الفاضل هل بإمكان أي شخص زيارة الموقع ام هي مخصصة للمتخصصين؟

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: الزيارة ممكنة ، لكن الاشياء التي تحدثت عنها خارج منطقة الآثار ، وبعيدة عنها ويمكن زيارتها في اي وقت.

ويسأل الاخ ماجد السنيدي بقوله : شيخنا الفاضل مشكور على البحث المهم والمنشات الحجرية تعاني من الاهمال في الفاو في اعالي الجبال وقرب المزارع.؟

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: المنشآت الحجرية هناك كثيرة ، لم اتطرق لها لأنها خارج الموضوع.

ويسأل الاخ ابواحمد الشهري بقوله: شيخنا بالنسبة للأكوام الترابية -وإن كانت على غير رغبتك في الأسئلة المتعلقة بالنبات- ذكرت أنها مقابر، وقد وجدتُ مثلها الكثير حول مدينة يبرين.
فهل الحكم بأنها مقابر مسلم به بين الباحثين؟

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: لا، في قرية القبور في عمق الارض للملوك فقط، وعددها قليل، ولم يجدوا قبورا للناس  فاعتقدوا ان هذه قبور. 
وهناك دلائل على انهم يحرقون الموتى.
وتلك الاكوام في اعلاها احواض وفي اسفلها مخارج للماء مثل القنوات.

ويسأل الاخ رحال الخبر- وائل الدغفق بقوله : هل ياشيخنا ابو عون تعتقد انه هناك مصانع للقلي أخرى تعتقد انها في حزيرة العرب

 ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله:ربما القلي نفسه صناعته سهلة ، ولكن البورق والصودا لم اجد لها دلائل.

ويسأل مرة اخرى الاخ رحال الخبر- وائل الدغفق: اذا تكامل المادة الخام هي الاساس للصناعة وليس المكان

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: نعم صدقت، والخبرة والحاجة.

رحال الخبر- وائل الدغفق: وهل نسبت الصناعة لعهد معين او لحضارة معينة

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: الصناعة انا اول من استدل عليها بوجود الرماد والحفر ومرافق العمل.

 رحال الخبر- وائل الدغفق: نعم ابو عون هو كما تفضلت

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: ولم يذكر عنها د. الانصاري او غيره شيئا.او يفسر وجود المرافق تفسيرا منطقيا.

ويسأل الاخ خليف العيد الزلفي : شيخنا ابو عون هل يوجد علاقة بين الجرهاء وجبة والفاو ؟

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: لا ادري ، الجرهاء مختلف في مكانها اصلا وفي العصر المنتمية اليه فالقرية امتدت زمنا طويلا وعاصرت حضارات متعددة.

ويذكّررحال الخبر- وائل الدغفق الاخ ابا عون بقوله : قد سمعت ماذكرت كاملا ونحن في احد الكهوف في منطقة بيشة والمطر فوقنا مع الخيال والغفيلي والحميد وابواشرف الثقفي..
تذكر تلك الجلسة الحلوة وكنت تتحمل استفساراتي بحلمك الكبير .

ويستدرك اباعون قوله : نعم،  اعاد الله تلك الايام والذكريات.

خليف العيد الزلفي : على مااعتقد انه وجد نقش بالفاو يتكلم عن القافلة التي تحركت من الجرهاء لجبة ثم الفاو

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: ربما ، لكن موقع الجرها غير معروف اﻵن.

ويستدرك الاخ خليف العيد الزلفي : صحيح الجرهاء لم يحدد موقعا الى الآن


ويضيف الباحث ابو عون حميد الدوسري قوله: كنت مترددا في طرح الموضوع لكن علاقته بعلم النبات شجعتني على ذلك.لولا معرفتي بالنبات لم اصل الى هذه النتيجة.
والحقيقة وضع منطقة الآثار في قرية مؤسف ويرثى له، فقد تركت بعد الحفريات لتدمرها الامطار والرياح وعبث الناس.
فالكلام عن حضارات موغلة في القدم، فالتقنية محتكرة في ذلك الوقت كما هي الآن ، ولابد من عمالة ماهرة ومواد خام وسوق استهلاك وهي اسس الاقتصاد الصناعي الآن.
والحديث عن كنيسة في الفاو فلا توجد  كنيسة بالمعنى المتعارف عليه في هذا الوقت، وجدت ثلاثة معابد داخل القرية وليست في الجبل، واحد منها شبيه بمعابد الفراعنة.
وربما تكون في الجزء الذي لم ينقب فيه.
وانا لا ارجح ذلك لأن الضمير في قوله جنبه عائد للماء والماء بعيد عن الجبل بنحو 3 كم.
ويسأل الاخ راشد قوله :  الذي اراه ان لها أهمية دينيه فقط لوجود معبود يدين به اهل تلك المنطقه
لذلك ليس لها سور يحميها مثل مكه شرفها الله  كذلك كثرة القبور فهي كربلاء كنده.

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: كانت قرية وقت الهمداني شبه عامرة لم لم تتهدم ولم تدفنها الرياح، ووجد فيها كتابات بالخط الكوفي داخل احد المدافن ، مما يدل على ان لصوص المقابر قد دخلوها.
ويضيف بقوله : استاذي لو زرت الموقع لتغيرت وجهة نظرك، لا يمكن بناء اسوار بسبب الرياح التي سوف تدفنها في وقت قصير.

ويسأل الاخ راشد قوله: زرت المكان ولكن بحوثي في مواقع الاصنام وخاصة صنم العزى اوصلني لهذه النتيجة

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: القبور قليلة جدا وهناك اعتقاد بأن اكثر الموتى يحرقون، مدينة امتدت مئآت السنين وعاش فيها مئآت الالوف ، سوف تكون مقابرها اكثر من هذه مئأت المرات.

ويضيف الاخ راشد قوله: لم يذكر الهمداني انها قرية شبه عامرة ذكرها فقط كمورد عادي حوله اثار
ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: نعم، والهمداني لم يزها اصلا وانما نقل وصفها عن من رآها وانا افترض انها شبه عامرة او اقل خرابا قبل نحو 1100 سنة.
فالمعلومات عن الآثار ضحلة .
لكن لفت نظري الحفر والرماد ومرافق لم تفسر تفسيرا منطقيا....

ويضيف الاخ راشد قوله :  الذي رآها ونقل له هو صديقه ابومالك كان جمالا مثله ولو ان ابو مالك وجد فيها احد لذكر ذلك له فابو مالك يذكر له النخله والنخلتين والبيت والبيتين.

ويجيب الباحث ابو عون حميد الدوسري بقوله: نعم كانت مورد ماء معروفا وعنده آثار.
لكن نتوقع ان الآثار كانت اوضح منها اﻵن.
 اشكركم جزيل الشكر على المداخلات وحسن المتابعة. 


وهنا يختم المعد الاخ ابواحمد الشهري بقوله  : ختاما نشكر شيخنا أبا عون على هذه المحاضرة القيمة الماتعة، ونشكركم جميعا على حسن المتابعة، ونستودعكم الله وإلى لقاء في ثلوثية قادمة بحول الله 
ومني أنا وائل الدغفق احييكم لنلتقي في لقاء آخر مميز في ثلوثية مميزة في مدونة الرحالة الرواد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 




رحلة حمى ضرية تقرير حمد الواصل ومجموعته الرحالة الرواد1438هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الأنبياء والمرسلين.
في غرة شهر ربيع الأول من عام 1438 للهجرة تم الإنطلاق لرحلة جميلة بمواقعها وفريدة  بأعضائها ومليئة بالفوائد ولا تفقد فيها السعادة والحيوية لتجدد نشاط أفرادها وتنوع مواهبهم ومهاراتهم.
أعضاء الرحلة
1  أبو ناصر حمد الطعيمي راوية ورحال مخضرم
2 أبو راكان عبدالرحمن الجليدان رحال وخبير صحراوي من الطراز الأول
3 أبو أسامة محمد الحميضي رحال ومؤسس لمجموعة الرحالة الرواد
4 أبو منصور عبدالله البراك رحال وخبير نباتي ومتمرس في فنون كثيرة
5 أبو محمد حمد الواصل رحال وسواق ويتعلم على الملاحة.



الإنطلاقة نحو هضب مداخل:
انطلقنا فجر يوم الأربعاء غرة شهر ربيع الأول من استراحة أبي راكان في عنيزة وكانت الوجهة إلى منطقة المخامر واسمها القديم كان ( هضب مداخل ) هضب له سفوح وهو منطق بأرض بيضاء وهو مشرف على الريان من شرقيه والريان هو وادي مبهل وهي منطقة جميلة ذات هضاب حمراء متوسطة الإرتفاع أهمها جبل فرقين ولعيبيبة وهضاب الخيل وعدوات وأم رس  وتربة رملية متماسكة وفيها بعض الشغايا من الأودية أبو نخلة وتتوزع فيها شجيرات الرمث وبعض أشجار الطلح وفيها بعض الغيران الجميلة مثل غار مشرف( سهية ) وغار الكوخ( ثويمر ) وهذه إحداثية لفيضة لعيبيبة متوسطة من المخامر   25.132544,43.338287
من المهم الاطلاع على الأحوال الجوية من خبراء الطقس وبرامجه فقد أغفلنا الموضوع لحسن الأحوال الجوية الأيام الماضية ولم نطالع التوقعات لأيام الرحلة وهذا خطأ أوقعت أصحابي فيه فعلينا الحذر مستقبلا. كانت الرياح قوية من ذاك الصباح واكفهرت السماء وانعدمت الرؤية الأفقية لمسافات بسيطة فكان الخيار الأمثل هو جبل طخفة وجرفه العميق عند ظلال أشجاره الوارفة والمتشابكة والكثيفة والتي تنوعت بين الطلح والسمر والشبهان شعابه بطحاء بيضاء تميل للحمرة غسلها الله بماء المطر فزادت حسنا على حسنها وسالت شعابه العالية فكونت شلالات رقراقة ومياه صافية أصفى من عين الحمامة حفظت بمحاجر صغيرة استقينا من أحدها وهو قرب جرف شعيب ضليع الركبان من طخفة   وحفظناه لإعداد القهوة والشاي في الأيام القادمة وهذا موقع الشلال قرب الجرف 24.925454,43.201788.

انطلاقة حول جبل طخفة:
انطلقنا في جولة حول طخفة ومررنا بآثار قديمة شمالا منها وهي ليست بالبعيدة عن بركة طريق الحاج البصري المتوجه لضرية والقادم من سواج. مررنا كذلك بشلال نهاره وهو يقع في الجهة الشمالية من طخفة وكانت بركته الطبيعية مليئة بالمياه بعمق يصل 2.5 مترا وتنحدر عليه المياه من أعالي طخفة. وهذا موقع شلال نهاره 24.937827,43.165010


انحرفنا بعده لناصفة طخفة وهي تخترق جبل طخفة من الشرق للغرب مليئة بأشجار الطلح الكبيرة والبطاحي النظيفة مقصد الرحالة والمتجولين لا تخلو من المتنزهين أبدا. كانت أمطار طخفة متوسطة مقارنة بما هو شرق منها وخصوصا جبل حليت وجبله وما حولهما

الاتجاه نحو جبل جبلة:
انطلقنا بعدها لجبله عبر طريق حليت عصما ومنها لجبله مرورا برفايع الجمش كان دخولنا لها من الجهة الجنوبية لوجود سوق إبل مصغر في طرفها شبيه بأم رقيبه. مررنا بشلال في جنوبها جميل وسهل الصعود ولايخلو من المياه ومقصد للمتنزهين وهو شلال الجدعا 24.790599,43.889368. انطلقنا لشعب آخر يقع إلى الشرق من الجدعا يحوي شلال وتسمية غريبة للشعب حيث سمي باسم شعيب الجلوجية وهي باحثة جيولوجية ألمانية درست المنطقة وطبقاتها اسمها سنفا واسمت نفسها بليلى. يقع بين هذين الشعبين غار كبير جدا اسمه غار الشيوخ هذا موقعه  24.791605,43.910699


انطلقنا لشعب مواجه الشهير تاريخيا وسياحيا حيث جرى فيه يوم جبلة قبل مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهو من أجمل وأكبر شعاب جبله وهذا موقعه 24.817413,43.902247


وكان مبيتنا فيه لتجنب هبوب الرياح السطحية المستمر من الصباح الباكر وكانت جنوبية صلفه. ولكن طبيعة المنطقة من الجبال والأشجار الضخمة والتربة البطحاء خففت أثر الرياح الشديدة.

استمرارنا في التجول حتى الصباح في جبلة:
في الصباح استمرينا في جولتنا حول جبله فمررنا بهضبة النصارى شمال جبله وفيها غار الخميسي. وسبب تسميتها عند أهل المنطقة أن مجموعة من الخبراء الجيولوجيين النصارى نزلو فيها لعدة أيام لدراسة المنطقة فسميت عليهم. وهذه ملحوظة أخرى على المسميات الحديثة وترك القديم الأصيل منها. وهذ موقع غار الخميسي بهضبة النصارى 24.823515,43.878052
انتقلنا بعدها لمسيل وادي الرشا قرب قرية الرشاوية وكان لايزال مستمرا في جريانه وكانت أعمال الصيانة تقوم بإزالة آثار الطمي من الطريق حيث خرج عن مجراه المعد لفوق الإسفلت بمساحة تبلغ خمسة أضعاف الجسر المعد له ويعتبر هذا من سوء التخطيط لمجاري الأودية الكبيرة والتي تشكل خطرا على المواطنين. وهذا معبر وادي الرشا 24.648865,43.978415

انطلقنا بعدها توجهنا لهضبة البيضتين قرب الدوادمي  24.466076,44.249993

الوصول لنقش سبئي في جبال ماسل:
انطلقنا لماسل الجمح وفيه نقش سبئي مهم من القرن الخامس الميلادي 24.218738,44.685273


كتب عنه أستاذنا محمد بن سيف في المنتديات وصفا وترجمة.
كنا على اتصال مباشر به ودعنا وتشرفنا بالقبول وقد ألح أهل الشعراء والدوادمي في استضافتنا ولكن الوقت لم يكن متاحا ووعدناهم بزيارة قريبة إن شاء الله.

انطلقنا مع أبي عبيد محمد بن سيف إلى الشعراء القديمة 24.262546,44.181992 لزيارتها وأعمال الترميم فيها ثم انطلقنا لجبل ثهلان( ذهلان ) الشامخ 24.224049,44.163042 
 للاطلاع على بعض شعابه وموارده القديمة فأمتعنا بمعلوماته ودقته في تسمياته وإلمامه بارتفاعاته ومداخله ومخارجه وبعدها انطلقنا لمزرعة أبو عبيد وبتنا فيها.

الوصول لغار الطويحات:
انطلقنا بعد صلاة الفجر من يوم الجمعة لهضاب تيما( تيمن ) جنوب الشعراء وشرق ثهلان وهي مجموعة هضاب حمراء  وتكون منتزها سياحيا طبيعيا تستحق الإشادة ويستحق أهلها التكريم حيث عمدو إلى الغيران وأشباهها وبنو فيها جدرانا وحرصو على نظافتها وتهيئتها للزوار والمتنزهين والعبئ والمسؤولية تبقى على مرتاديها بالمحافظة عليها.
يوجد بها مجموعة من الغيران وهي
غار المدرسين  24.149031,44.226947
غار منفنف       24.151721,44.238877
غار أبو صفاة    24.135334,44.237150
غار سلوم         24.120030,44.225753
غار الطويحات  24.113207,44.235374



ويوجد بها قوس جميل وسهل الصعود في جهتها الغربية 24.142231,44.214743
وشعاب تكسوها البطحاء وبعض الطلح المتوسط الحجم. كانت السيول على عالية نجد أفر من غيرها حيث شهدت سيولا تاريخية خرةت فيها الأودية عن مجاريها الطبيعية وشدة المطر من عروى وشمالها أكثر
انطلقنا قبيل الظهر إلى عفيف ومنها إلى ثرب عبر طريق المهد ثم طريق الجياسر مرورا بهضاب الذنايب 23.557656,42.255318
وهضاب حسلات 23.811934,42.059956
وطخفة الشهباء 24.000430,42.149274
وطخفة الحمراء 23.963020,42.138268
وجبل الذيب 24.200956,41.757954
كانت ثرب أوفر حظا من بقية المناطق حولها حيث جرى شعيبها وامتلأ بالمياه

الوصول الى غار مخروقة:
انطلقنا بعده للحسو وتحديدا لجبل مخروقه 24.669723,41.568830  وفيها أربع مغارات جميلة وكبيرة


الأول مطل جهة القبلة ومرتفع جدا تصعد إليه السيارة بكلفة وهو مميز لمتابعة نشوء السحب في تلك المنطقة. كما يتميز بشكل صخوره المتباعدة عن بعضها والذي يجمعها تربة قوية تتأثر بالأمطار وتشكل مغاور صغيرة بحجم الكف وتزيد تتساقط حجارتها مع الزمن مما يوحي للمتأمل كيف تكون هذا الكهف الكبير
الثاني في الجهة المعاكسة له وهو مطل على الجهة الشمالية بميل للشرق قليلا ويصعد إليه بالسيارة وهو فسيح جدا ويصلح لمقيل صيفا. ويتميز بتطبقه الجيولوجي المميز وهو فرصة للدراسة الجيولوجية لتلك المنطقة.
كما يوجد إلى الشرق منه غار آخر يطل على الجهة الشمالية وهو فسيح وسهل التربة وتصله السيارة بلا كلفة.
الرابع مطل على جهة القبلة أيضا على شكل ربع قوس سهل الوصول وقريب من سطح الأرض.
انطلقنا بعده عصرا باتجاه عريق الدسم للمبيت فيه عبر طلال وبالقرب منه حدثت معركة طلال في نهايات الدولة السعودية الثانية ثم القاعية ثم فيضة الريشية ثم غابة الغضا بعريق الدسم  24.997904,42.449042
وهي غابة كثيفة الأشجار وضخمة ومتشابكة لاتستطيع المرور بين أشجارها إلا أن مساحتها ضيقة جدا حيث يبلغ طولها 1.5 وعرضها 500 متر حافظ عليها أهل المنطقة بالحمى  وخصوصا أهل الظاهرية حيث يراقبون ويتجولون ويمنعون الاحتطاب بكل أدب وحزم مع المعتدين. وكان العريق قد ارتوى من مياه الأمطار وتجمعت في وسط نقره غثاء السيل من كثافة المطر

زيارة غابة أم الهشيم:
في ليلة هادئة وسماء صافية نتابع معها البارق شمالا منا استمتعنا فيها بصفاء السماء ومتابعة البرق الذي أشعل الجهة الشمالية منا وهذا يندر حدوثه وتكونه. سرعان ما زلت تلك السحابة وابتعدت عنا بغيث قريب على مناطق تستحق الزيارة قريبا شمال القصيم .
في صباح يوم السبت كانت انطلاقتنا لغابة أم هشيم 25.195451,42.523821 وهي تبعد نحو 30 كيلو من موقعنا شمال شرق وهي قرب صعينين والتي يتولى أهلها حماية هذه الغابة من العابثين والمفسدين  عند وصلنا لها تعجب الجميع من كثافة أشجار الغضا فيها وتراصها وضخامتها وتركزها في هذه النقرة الضيقة. مع أني أجد تفسيرا مستمدا من خبرة أبي عون حميد الدوسري الخبير النباتي الأول في بلادنا وهو قربها من كسر شعيب مليح وسبخته وتسرب المياه  تحت الرمال لمنطقة أم هشيم.


مما استفدته من شيخي أبي عون أنه قال تنمو شجيرات الغضا على مناطق في الأصل سبخات كستها الرمال وغطتها. ولم تكن بأقل نصيبا من الأمطار من أختها.

الإنطلاقة نحو جبل أبان الأحمر:
انطلقنا بعدها لجبل إبان الأحمر لتزود من مياهه العذبة وكان أقل مطرا من غيره انطلقنا بعده لجبل سواج ومشاهدة قاع أبو جثيا و قاع الخفق 25.147984,43.097941 جنوب أم غلس غرب سواج وكانت كمية المياه فيه متوسطة ممايدل على توسط هطول الأمطار انطلقنا بعده لجبل سواج( سواج الخيل ) 25.211586,43.258244 وهو من حمى ضرية وهو جبل يميل للسواد وشعابه بطحاء أشجارها أغلبها طلح كبيرة جدا. كان مبيتنا فيه لتجنب الرياح النسرية شمال شرق. وكان أقل مطرا مما حوله.
توجهنا صباحا لجبل أمره 25.401391,43.352607 وهو من أجمل جبال القصيم وأحلاها ماءً. وجدنا فيه شجرة نادرة بمنطقة القصيم وهي العرن. انطلقنا بعده لجبال محيوه وهي هضاب حمراء مطلة على وادي الرمة وفي طرف نفود الميسرية فتداخلت الرمال الذهبية بالهضاب الشامخة الجميلة وكونت لوحة فنية تزيد بهاءً عند جريان وادي الرمة ومنها لنفود الميسرية 25.663771,42.822432 ويعتبره البعض نهاية عريق الدسم رغم انفصاله عنه وهو يحف بوادي الرمة عند عبوره المنطقة وفي طرفه الشمالي الغربي يلتقي وادي الرمة بوادي عطا في مخنق ضيق مما يتسبب في حدوث قاع كبير جدا 25.657944,42.745774 يسمى المحير في جنوبه الغربي لحين تصريف المياه المتدفقة من وادي الرمة ويمكث زمنا بعده.
كان ختام الرحلة زيارة شعب السليل 25.888687,42.991345 في جبل إبان الأسمر وقد قامت البلدية بسفلتة الطريق كاملا واهتمت بنظافته حيث رأينا عمال البلدية بسيارتهم ينظفون المنطقة ودور المتنزهين في ذلك أهم وأكمل.
انتهت الرحلة بفضل الله ومنته ورجعنا بنشاط وحيوية رغم طول المسافات وتباعدها. فاللهم لك الحمد على نعمك

كتب التقرير نيابة عن أعضاء الرحلة
حمد الواصل القصيم عنيزة