أن الجريف اسماً من تصغير أسم (جُرْف) وهو ربوة مرتفعة من الأرض تقع في الجهة الجنوبية من حي الشهداء بالرس على شارع يسمى باسم (شارع الجريف) وسمي حاليا (طريق الملك سلمان).
وكان الناس يعتقدون بأن أهل الرس يأخذون ملح البارود من الجريف، ولكن الصحيح بأن أهل الرس يصنعون الملح فيه، لأن الجريف يعتبر من مصانع الأسلحة في بلادنا حيث كان أهل الرس يصنعون فيه ملح البارود منذ حدود عام 1150هـ أثناء الحروب المستمرة التي دارت رحاها بين القبائل آنذاك حول بلدة الرس.
ماجاء في الجريف من كتاب محمد بن ناصر العبودي:
كما يذكر الشيخ محمد بن نصار العبودي عن ذكره لملح الجريف في كتابه (معجم أسر الرس) ومن ما ذكره أنه زار الموقع مع صديقه علي بن صالح الضلعان رحمه الله عام 1370هـ. وتحدث عن جودته وأهميته وأورد قصّة عن الفرق بين ملح البارود الذي يصنع في الجريف بالرس وبين الملح الذي كان يصنعه والده في بريدة.
طريقة أهل الرس بصنع ملح البارود:
وينقل لنا الشيخ العبودي عن طريقة أهل الرس في صنع ملح البارود من الجريف وكما رواها له الشيخ الدكتور صالح بن محمد الرشيد عن عبدالعزيز الرشيد.
وهي كالتالي:
أن أهل الرس يقومون بحفر ثلاث بِرَكْ متوسطة العمق ومتجاورة. كل واحد منها أقل نزولاً من التي قبلها. وتكون الأولى هي المرتفعة، ثم يحضرون تربة (صباخ) من أرض بعيران المجاورة للجريف من الشرق، ثم يضعون التربة في البركة الأولى المرتفعة ويسقونه من البئر المجاورة لربوة الجريف -وهي بئر مشهورة بمائها الصالح لصنع السلاح الذي يعطيه نقاء متميزاً.. والذي لا يوجد مثلها في غيرها- ثم يقومون بخلط الصباخ بالمساحي خلطا كثيرا حتى يذوب. ثم يتركونه لمدة أربع وعشرين ساعة كاملة. ثم يقومون بفتح البركة الأولى المرتفعة على البركة الثانية التي تنزل عنها قليلا فينزل فيها الخليط ويتركونه أربعاً وعشرين ساعة أخرى. بعدها يفتحون البركة الثانية على البركة الثالثة والتي تنزل عنها قليلا ويبقون الخليط فيها أربعا وعشرين ساعة أخيرة. فصار مدة تخمير الصباخ اثنتين وسبعين ساعة. بعدها يكون صافيا في البركة الثالثة.
ثم يحضرون قدورا كبيرة ويقومون بإفراغ الماء المصفى من الصباخ فيها ويوقدون النار تحتها لعدة ساعات حتى يكون ثقيلا ويقال له (عاقد) بعد تبخر أكثره. ثم يحضرون صحوناً كبيرة من النحاس يسمون واحدها (طشت) ويضعون فيها بعضا من جريد النخل مقطّعة طولا وعرضا. ثم يعودون إلى الماء الموجود في القدور ويفرغونه في الصحون الكبيرة على جريد النخل ويتركونه في الشمس لمدة معلومة يقدّرونها حسب قوة حرارة الشمس حتى يتبخر الماء تماماً من الصحون ويجمد الجريد على شكل مسامير بيض طويلة, وبهذا يكون ملحا أبيض.
ثم يضعون معه فحماً من شجر العِشَر لكونه خفيفا وكبريتاً أصفر بنسب محددة معروفة عندهم (ثلث من الملح وثلث من الكبريت وثلث من الفحم) ويقومون بهرسه ودقّه بمهراس من الخشب بشكل خفيف حتى يختلط ويكون بودرة سوداء من الفحم.
ثم يضعونه في صحون من النحاس ويرشونه بالماء ويقلبونه حتى يكون خليطا ثم يمشطونه بالأمشاط الخاصة لديهم عرضا وطولا. ثم يتركونه أياما محددة حتى يكون يابسا وتظهر عليه بلورات.. وبذلك يكون جاهزا للاستخدام في السلاح وهو بودرة أو يقومون ببيعه.
وإذا أرادوا اختبار ملح البارود ليعرفوا جودته.. يضعون قليلا منه في كف اليد ويعرضونه للنار، وعندما ينفجر الملح ويحترق فإن لم يبق منه شيء في اليد فيدل على أنه صاف وأصلي ويصفونه بأنه (ذِكرْ) أما إن بقي منه شيء في اليد فيدل على أنه ليس صافيا ولا أصليا. كما كان أهل الرس إلى عام 1375هـ تقريبا يبيعون ملح الجريف في سوق الرس القديم ومنهم صالح بن محمد الحوّاس كان يبيعه في دكانه.
لذلك يقال: إن نقاء ملح الجريف ليس له مثيل. ويعرف به أهل الرس من بين بقية المناطق. كما أن البئر المجاورة للجريف والتي يأخذون منها الماء من أجل صناعة الملح لها ميزة خاصة تنفرد بها. كما يُذكر أن التراب المتراكم على ربوة الجريف حالياً قد يكون فيه بقايا من ملح البارود. ويدل عليه أن حفر الجراذي الموجودة حاليا في الربوة يُرى ترابها بعد إخراجه أبيض اللون من الملح.
ويدل على أن حزم الرس هو المصدر الرئيس للملح قول الشاعر سليمان الفتال من الرس:
من زبنّا رقى روس الرجوم
ما تجيه البيارق والخيام
نجني الملح من روس الحزوم
معتّبينه لحزّات الزحام
هذا وقد ذكر شعراء الرس وغيرهم الجريف في الأشعار الحماسية للحرب. يقول الشاعر الكبير إبراهيم بن دخيل الخربوش شاعر الحرب بالرس مفتخرا بشجاعة قومه وذاكراً الجريف في قصيدته الحربية المشهورة قال فيها:
يا طير ياللي بالجذيبة تراعينا
يتنى العشا لين المناعير يرمونه
ياطير قل للذيب وان جاع يتلينا
يتلى عيال بالملاقا يعشونه
والله ما جينا من الرس عانينا
إلا ندور الحرب يا للي تدورونه
من يوم سرنا والمنايا تبارينا
واللي ورد حوض المنايا تعرفونه
معنا سلاح ننقله في يمانينا
طريقة صناعة البارود العربي نقل الشيح حميد الدوسري:
ينقل لما الشيخ ابو عون حميد الدوسري عن طرق صناعة البارود العربي بقوله :
أولا نوع الفحم وطريقة عمله :
بالنسبة لصناعة البارود فأحد مقاديره الفحم المستخرج من عيدان شجرة العشر بعد حرقها وهي من المواد الأساسية المستعملة في صناعة البارود ..
ومن ناحية السمية فشجرة العشر تعتبر سامة ..
ومن ناحية الخطورة على العينين فهي خطيرة جدا جدا أعني حليبها وربما يسبب العمى لو وقع في العين مباشرة.
كما أنه علاج مجرب .
ويكمل قوله:
ولنرجع للفحم المستخرج من عيدان نبات العشر ، وهو لابد أن يستخرج من اعواد هشة وسريعة الاشتعال ..
فقد كانوا يقطعون اعواد العشر بطول الشبر ثم يشقفون السميك منها الى شرائح دقيقة وبعد ان تجف يكومونها كومة صغيرة ثم يحرقونها وعندما تلتهب يكفؤن عليها قدرا كبيرا من اجل ان تنطفىء فجأة وتكون فحما وليس رمادا ..
وهي افضل من غيرها ..
ثانياً نوع الملح المستخدم بالبارود:
ويكمل الشبخ حميد بقوله : ولكن نوع الملح مهم والمستعمل حقيقة هو الصوديوم او الملح الغني بالصوديوم مثل الشب الاسود .
وملح البارود يفرق من بلد الى بلد يتذوقونه فإن كان فيه مرارة اخذوه ..
وياخذونه من أماكن فيها مثل التراب المصبخ وتلقاه مقلفع شوي عن الارض
ثالثاً وأخيرا النوع الثالث المستخدم للبارود وهو الخفان:
يقول ابوعون قوله:
والخفان ايضا بعضه نقي وبعضه مخلوط بالتراب وأصحاب الخبرة يقدرون النسب حسب نقاوة المادة ..
والخفان هو الكبريت الاصفر يكون على شكل صخور خفيفة الوزن جدا كأنها اسفنج من خفتها ولذا سموها الخفان .
طريقة المزج وأصل كلمة البندق"بندقية" العربية الأصل;
حتى يذكر لنا الشيخ حميد عن مزج تلك الثلاث بقوله :
يذكر الشيخ حميد قوله:
انا حضرت الذين كانوا يصنعون البارود وانا صغير ولم اعرف نسب الخلط ولكنها عملية متعبة خاصة الدوف وهو الدق والخلط في اناء خشبي باستعمال ودي او حديدة، يرشون عليه ماء عذب ويفركونه وكلما جف رشوه ودافوه ثم يجربون قليلا منه على صفحة خنجر او نحوها فإن احترق وبقي منه شيء او له اثر قالوا لم يتفق واستمروا في الدوف واضافة الخفان ثم يجربون حتى يحدث صوتا اثناء الاحتراق ولا يبقى له اثر او سواد .. ثم يجربه في راحة يده فإن احترق ولم يشعر له بحرارة قال: اتفق يعني توافق الخلط ومن هنا جاءت كلمة التفق التي يستعملها الناس للذخيرة ويدعي البعض انها كلمة تركية استعملها الناس منهم .. والصحيح انها كما قلت من اتفاق الاخلاط واخذ الفرس والترك صناعة البارود والكلمة عن العرب .
طريقة لأحد العراقيين في صنع البارود من مخلفات الماشية:
يذكر أحد المجربين البدائيين لصناعة البارود بالعراق قوله:
قد احضرت روث الماعز والذى كنت اكرهه ولاكن فى هذا اليوم اصبح عزيز , فقمت بطحنه وتتبعت العمليه باحضار قماش وضعت به فحم واغلقته جيدا ثم جعلت الفحم المغطي فى منتصف برميل صغير وسكبت فوقه الروث ومن ثم احضرت ماء ساخن وصرت اسكبه فوق الروث بمهل حتى انتهى الماء اخرجت الماء المتبقى فى البرميل ومررته بعملية تبخير وبالنهاية حصلت على ملح الصخر.
عاودت العملية مرات حتى اصبحت لدي كمية جيدة وقد كانت العملية مضنيه ولاني لا املك الكحول فقد استعرت ايضاً قنينة كولونيا لعلمي ان بها نسبة كحول كبيرة , صرت اغسل الملح ولا اعلم كيف اصفيه بالكحول لانى لم اسئل العجوز ما هو عمل الكحول ولاكن بالنهاية اصبح لدي ملح صخري معطر.
والان اتى دور خلط المقادير ,,,
قمت بطحن كميه صغيرة من الكبريت الاصفر ذو الرائحة القوية وصنعت لى مكيال عبارة عن غطاء علبة دواء , واحضرت الفحم الناعم واخذت منه مكيال وخلطته مع الملح الصخري الذى قمت بانتاجه من روث الماعز
ونسبة الخلط ستكون 3 ارباع الكمية من الملح الصخري والربع الاخير موزع بالتساوي ما بين الكبريت والفحم المطحون
لخوفى من اشتعال الخليط فى عملية التسخين الاخيرة احضرت سخان كهربائي لا يوجد به نار وصرت اسخن الخليط بعد ان خلطته بالماء واخذت اقلبه وهو يقلي وكل خوفى ان ينفجر بوجهي باي وقت ...
فالعجوز كان يقول ان البارود غالباً ما يحرق صاحبه ان تهور بالتعامل معه.
وبعد انتهاء التسخين قمت بنشره بالشمس حتى ينشف ومن الغد كان بارودي جاهز للعمل بعد تنعيمه بشكل جيد ....
هنا ننتهي من نقل فكرة وانتاج البارود عربيا مع لفتة لأصل كلمة البندقية والتي ذكرها الشيخ بن عون كما ذكرتها آنفاً..
ولنا غودة في التصحيح والنعديل للمقال ان وجدنا خطأ منقول أو إضافة للمقال..
وتقبلو تحياتي
#الرحال_وائل_الدغفق1442هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق